اضع بين ايديكم بحث قدمته في سنة ثانية جامعي في مقياس مالية عامة
خطة البحث
المقدمة
الفصل الأول
المبحث الأول مفهوم الميزانية العامة للدولة وخصائصها
• المطلب الأول مفهوم الميزانية العامة للدولة
• المطلب الثاني تطور مفهوم الميزانية العامة للدولة
• المطلب الثالث خصائص الميزانية العامة
• المطلب الرابع ملاحظات
المبحث الثاني دورة الميزانية العامة للدولة
• المطلب الأول مرحلة إعداد وتحضير الميزانية العامة
• المطلب الثاني مرحلة اعتماد الميزانية العامة
• المطلب الثالث مرحلة تنفيذ الميزانية العامة
• المطلب الرابع مرحلة المراجعة والرقابة
الفصل الثاني دور و أهمية الميزانية العامة
المبحث الأول دور الميزانية العامة
• المطلب الأول دور الميزانية العامة في النظرية التقليدية
• المطلب الثاني دور الميزانية العامة الحديثة
المبحث الثاني الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لدور الميزانية في المالية العامة
• المطلب الأول الأهمية السياسية للميزانية
• المطلب الثاني أهمية الميزانية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية
الفصل الثالث الميزانية العامة للدولة الجزائر
المبحث الأول ميزانية الجزائر
• المطلب الأول مفهومها
• المطلب الثاني تبويب النفقات اقتصاديا
• المطلب الثالث تبويب الإيرادات اقتصاديا
المبحث الثاني قواعد تقديم الميزانية في الجزائر
• المطلب الأول قاعدة سنوية الميزانية العامة لدولة الجزائر
• المطلب الثاني قاعدة وحدة الميزانية العامة لدولة الجزائر
• المطلب الثالث قاعدة شمول الميزانية العامة لدولة الجزائر
• المطلب الرابع قاعدة تخصيص اعتماد النفقات في الجزائر
• المطلب الخامس قاعدة توازن الميزانية العامة لدولة الجزائر
المبحث الثالث توازن الميزانية لدولة الجزائر منذ الاستقلال
• المطلب الأول من الاستقلال حتى 1970
• المطلب الثاني خلال الفترة 1971-1988
• المطلب الثالث خلال الفترة1989-2001
• المطلب الرابع الرقابة على ميزانية الدولة الجزائرية
المقدمة:
لقد تطرقنا في هذا البحث إلى عدة أمور , ففي الفصل الأول عرفنا الميزانية العامة وكيف تطور مفهوم الميزانية العامة للدولة مع مرور الوقت كما تطرقنا فيه أيضا إلى أهم خصائص وقمنا بمقارنة ميزانية المشروع وميزانية الدولة هذا في المبحث الأول , أما في المبحث الثاني فلقد تناولنا فيه دورة الميزانية العامة للدولة من مرحلة الإعداد إلى مرحلة الاعتماد إلى مرحلة التنفيذ ثم أخيرا مرحلة المراجعة والرقابة .
أما في الفصل الثاني والذي يتحدث عن دور وأهمية الميزانية العامة ففي المبحث الأول تناولنا دور الميزانية في النظرية التقليدية ودور الميزانية الحديثة ثم تطرقنا في المبحث الثاني عن الأهمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية للميزانية العامة للدولة .
ولدراسة ميزانية دولة ما وفهمها أخذنا ميزانية الجزائر لدراسة خاصة حيث قمنا بتعريفها وذكرنا المراحل التي مرت بها منذ الاستقلال وتطرقنا إلى تبويب النفقات وتبويب الإرادات وهذا في المبحث الأول , أما المبحث الثاني ذكرنا فيه قواعد تقديم الميزانية في الجزائر من قاعدة سنوية ,وحدة,شمول,وتوازن الميزانية العامة للدولة وكذلك قاعدة تخصيص واعتماد النفقات في الجزائر وتطرقنا في المبحث الثالث إلى توازن الميزانية الجزائر منذ الاستقلال خلال المخططات التي قامت بها الجزائر ,وأخيرا ذكرنا في بحثنا الرقابة على الميزانية الدولة للجزائر.
الفصل الأول
ماهية الميزانية العامة للدولة ودورتها
المبحث الأول مفهوم الميزانية العامة وخصائصها
المطلب الأول مفهوم الميزانية
هي التعبير المالي لبرنامج العمل المعتمد الذي تعتزم الحكومة تنفيذه
وهناك تعار يف متقاربة حسب كل دولة حيث عرفها القانون الفرنسي (بأنها الصيغة التي تقدر بموجبها أعباء الدولة ووارداتها , ويؤذن بها ويقدرها البرلمان في قانون الموازنة الذي يعبر عن أهداف الحكومة الاقتصادية والمالية )
ولقد عرفها القانون البلجيكي( بأنها بيان الواردات و النفقات العامة خلال الدورة المالية )
وعرفها القانون الأمريكي (بأنها صك تقدر فيه نفقات السنة المالية ووارداتها بموجب القوانين المعمول بها عند التقديم ,واقتراحات الجباية المبسوطة فيها)
وعرفها قانون المحاسبة العمومية في لبنان (بأنها صك تشريعي تقدر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن السنة المقبلة وتجاز بموجبه الجباية والإنفاق
ومن كل هذه التعاريف نستخلص أن الميزانية هي عبارة عن توقع وإجازة لنفقات الدولة العامة في فترة زمنية مقبلة سنة في المعتاد وتعبر عن أهدافها الاقتصادية و الاجتماعية
المطلب الثاني تطور مفهوم الميزانية العامة للدولة
فالميزانية ما هي إلا انعكاس لدور الدولة في النشاط الاقتصادي حيث أن تطور دور الدولة بتطور الفكر المالي على مر العصور أدى إلى تطور مماثل في مفهوم الميزانية ودورها في النشاط الاقتصادي ,ففي ظل الفكر الكلاسيكي ساد الاعتقاد بقدرة القطاع الخاص ,إذا ما توافرت له الإمكانيات اللازمة ولم تكن هذه الأخيرة في نظر الفكر الكلاسيكي سوى ضمان عدم تدخل الدولة في نشاط الاقتصادي ,وكان الفكر الكلاسيكي يصر على تدخل الدولة تدخلا حياديا لا يؤثر بأي صورة من الصور على نشاط و قرارات القطاع الخاص ,ولكي يضمنوا تحقيق هذه الأوضاع كان الاقتصاديون الكلاسيك يطالبون بضرورة توازن الميزانية سنويا اعتقادا منهم بأنه سيؤدي إلى قصر دور الدولة.
وعندما انتشر الفكر المالي الحديث تغيرت النظرة لتقذف بفكرة التدخل الحيادي للدولة في عرض البحر و تضرب بمبدأ توازن الميزانية عرض الحائط وتلقي على الدولة مسؤولية التدخل في النشاط الاقتصادي لتحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية...الخ
المطلب الثالث خصائص الميزانية العامة
الميزانية برنامج العمل الذي تعتزم الحكومة تنفيذه
الميزانية ت بيانا عما أنجزته الدولة من أعمال وليست أرقاما مستخرجة من دفاتر وحسابات الحكومة ,ولكنها برنامج عمل تلتزم الحكومة تنفيذه , ولهذا فهي تبنى على دراسات وتلتزم بحدود القدرة على التنفيذ , إلا أنها رغم كل ذلك تعبيرا عن برنامج عمل يتعلق بالمستقبل ولقد ارتبطت
هده الخاصية من خصائص الميزانية في ظل الفكر الكلاسيكي بفكرة تحديد الأولوية في التقدير حيث يتم تقدير حجم الإنفاق المسموح ثم يلي ذلك تقدير الإرادات , وبتطور الفكر المالي اختفت
الحاجة إلى تحديد أولويات في إجراءات التقدير , فبرنامج العمل برنامج متكامل بجانبيه يؤثر كل منهما على الآخر ويتأثر به.
الميزانية برنامج لتحقيق أهداف المجتمع
حيث لو اعتبرنا الميزانية وسيلة لتنفيذ السياسات والبرامج قد تنحرف بها الحكومة لتحقيق مآربها , فتصبح برنامجا لإرضاء قطاع دون أخر أو تصبح برنامجا دعائيا, ولكي لا تتحول الميزانية إلى أي من هذه الاتجاهات , فلا بد من تحديد واضح للأهداف التي تعد البرامج من اجلها والتي يسعى إلى تحقيقها , فالميزانية كسياسة اقتصادية متكاملة تتأثر بمتغيرات الاقتصاد القومي والعالمي تؤثر فيها .
وهناك خصائص أخرى نذكر منها
• الميزانية تعد لمدة أنية , لسنة مقبلة وبالتالي معرفة النفقات التي ستبذل والواردات التي تدخل خلال المدة المذكورة , غير انه هناك قسم من النفقات التي لا يمكن تحديدها كنفقات اللوازم والأشغال.
• الإجازة في الموازنة تنجم عن تقسيم الصلاحيات بين هيئات الدولة فالحكومة تحضر الميزانية و تنفيذها ولكن البرلمان هو الذي يصوت عليها ,أي يعطي للحكومة الإجازة بصرف النفقات وجباية الواردات .
• الميزانية محددة المدة فهي توضع لمدة من الزمن اصطلح معظم الدول على جعلها سنة.
إلى جانب هذا فان التطورات الحديثة غيرت هذا المفهوم بصورة عميقة وأدخلت في كثير من البلدان تعديلات أساسية على عناصر الموازنة الثلاثة ,طابعها المالي ,تعادلها وسنويته.
المطلب الرابع ملاحظات
ميزانية الدولة ميزانية المشروع
• هي التعبير عن برنامج العمل المعتمد التي تعتزم الحكومة تنفيذه لتحقيق أهداف المجتمع .
• برنامج عمل للسنة القادمة.
• تقدير بما تعتزم الحكومة إنفاقه وتنبؤ بما يمكنها تحصيله من الإيرادات.
• برنامج عمل درس ونوقش واعتمد من السلطة التشريعية قبل البدء في التنفيذ. • تعبير عن المركز المالي الحقيقي للمشروع في لحظة معينة.
• قائمة مالية بما يمتلكه المشروع من أصول وما عليه من ديون والالتزامات في لحظة ماضية .
• تقرير عن صافي المركز المالي للمشروع نتيجة لما قام به من سياسات وبرامج في أعوام ماضية .
• إعداد محاسبي يعبر عن واقع معين وفقا لأسس محاسبية معينة.
المبحث الثاني دورة الميزانية العامة
يطلق لفظ (دورة الميزانية العامة ) على المراحل الزمنية المتعاقبة والمتداخلة التي تمر بها ميزانية الدولة تحقيقا للمسؤوليات المشتركة بين السلطات التنفيذية والتشريعية .
المطلب الأول مرحلة إعداد وتحضير الميزانية العامة
يقتصر حق تحضير وإعداد الميزانية العامة على السلطة التنفيذية فعليها تقع مسؤولية تحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية والاجتماعية ومن ناحية العلمية فان السلطة التنفيذية اقدر من السلطة التشريعية على تحضير وإعداد الميزانية ولهذا تتولى الحكومة مهام تحضير وإعداد الميزانية ,وتبدأ هذه المرحلة عادة على مستوى اصغر الوحدات الحكومية حيث تتولى كل مصلحة أو هيئة أو مؤسسة عامة إعداد تقديراتها لما يلزمها من نفقات وما تتوقع أن تحصل عليه من إيرادات خلال السنة المالية المطلوب إعداد ميزانيتها.
وفي مرحلة لتحضير وإعداد للميزانية تسترشد الحكومة بمجموعة من المبادئ العامة نحصرها في أربعة وهي (مبدأ السنوية- مبدأ الوحدة- مبدأ العمومية- مبدأ توازن الميزانية) ولقد سبق أن اشرنا إلى مبدأ السنوية باعتباره احد الأركان في تعريف الميزانية أما مبدأ توازن الميزانية فقد رأينا كيف ثبت خطاه وانعدمت أهميته مع تطور الفكر المالي ولعل أهم المبادئ
1. مبدأ الوحدة يقصد بوحدة الميزانية أن يتم إعداد وتقديم مشروع الميزانية كوحدة واحدة متكاملة تضم كافة التقديرات لإيرادات ونفقات كافة وحدات وفروع الدولة .
2. مبدأ العمومية يقضي هذا المبدأ بان تظهر تقديرات كافة الإيرادات والنفقات العامة تفصيليا في ميزانية الدولة دون إجراء مقاصة بين الإيرادات والنفقات التي تصرف في سبيل تحصيلها .
مطلب الثاني مرحلة اعتماد الميزانية العامة
إن مرحلة الاعتماد كانت وستظل دائما من اختصاص السلطة التشريعية دون منازع ,فعليها بحكم أو لها ممثلة لقوى الشعب تقع مسؤولية التحقيق من سلامة البرامج والسياسات الحكومية عن طريق اعتماد مشروع الميزانية ومتابعة تنفيذها للتأكد من حسن الأداء باستخدام أساليب الرقابة المالية, والسلطة التشريعية قد تتكون من مجلس (مصر) أو مجلسين (الجزائر وأمريكا وانجلترا وفرنسا...)ومن القواعد العامة التي جرى عليها العرف أن تبدآ السلطة التشريعية بمناقشة جانب النفقات العامة واعتمادها حتى تتمكن من تقييم برامج الإنفاق على أساس الحاجات العامة دون التقيد بالإيرادات .
المطلب الثالث مرحلة تنفيذ الميزانية العامة
في هذه المرحلة تقوم الحكومة بتنفيذ الميزانية ,فتتولى الوزارات والمصالح والهيئات المختلفة القيام بالبرامج والمشروعات وتسيير الخدمات التي اعتمدتها السلطة التشريعية ولا تقتصر مهمة تنفيذ الميزانية على مجرد تحصيل الإيرادات ودفع المصروفات التي أدرجت في الميزانية بل عليها أن تتبع أثار هذه العمليات على الاقتصاد القومي وان تراقب اتجاهاتها نحو الأهداف الاقتصادية المنشودة حتى تستطيع تعديل سياساتها الانفاقية والايرادية إن لزم الأمر.وعلى مرحلة التنفيذ مواجهة كافة النتائج التي تترتب على مقارنة التقديرات بالواقع
المطلب الرابع مرحلة المراجعة والرقابة للميزانية العامة
كانت النظرة إلى هذه المرحلة في الحقبة الأولى من تاريخ الميزانية في غاية البساطة وتركز الهدف منها في فحص الحسابات العامة ومع تزايد دور الدولة في النشاط الاقتصادي بدا الاهتمام بتطوير مرحلة المراجعة والرقابة لكي تتماشى مع المهام الجديدة التي ألقيت على عاتقها ,واتسع نطاق هذه المرحلة لتشمل إلى جانب الرقابة الحساسة رقابة تقسيميه تتخذ من التحليل العلمي والدراسة الفنية أداة لتقييم الأداء ورفع الكفاءة وهكذا أصبحت الرقابة المالية بنوعها الحسابي والتقيمي أهم مراحل دورة الميزانية وأكثرها استئثار بأفكار العلماء الباحثين.
الفصل الثاني
دور وأهمية الميزانية العامة
المبحث الأول دور الميزانية العامة
أحدثت التغيرات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على مختلف الدول تعديلات جذرية وعميقة في فكرة الميزانية والدور الذي تقوم به في مالية الدولة وفيما يتعلق بهذا الدور فإننا نجد مفهومين الأول منضما ذاع لفترة معينة في فكر النظرية التقليدية والثاني انتشر مع الواقع المتطور وهو المفهوم الحديث الذي تأخذ به المالية العامة الحديثة.
المطلب الأول دور الميزانية العامة في النظرية التقليدية
كانت النظرية التقليدية في مرحلة من التطور الاقتصادي والاجتماعي للدول المختلفة تتميز بعدم تدخل الدولة في حياة الاقتصادية والاجتماعية إلا في حدود ضئيلة و ذلك تأثرا بمذهب الحرية الفردية الذي ازدهر في ظله نظام الاقتصاد الحر, لهذا فقد غلب على فكر هذه النظرية نوع من الحيادية الاقتصادية حيث يمثل هذا الحياد في مجموعة من الآراء التي كانت ترى إن أفضل الميزانيات هي اقلها نفقات وان توازن جانبي الإيرادات والمصروفات يعتبر أمرا حيويا في الميزانية السنوية وقد ترتب على هذه الآراء وغيرها وان رفض التقليديون فكرة إحداث عجز في ميزانية الدولة .
المطلب الثاني دور الميزانية العامة الحديثة
في المالية الحديثة قد اتسع دور الدولة وازدادت درجات تدخلها في مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية على إقليمها فلم يعد هناك مجال للحديث عن حياد الميزانية بل أصبحت الميزانية أداة من أدوات السياسة المالية تلجا إليها الدولة لتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية التي تأخذ بها المعنى الواسع في الرأسماليات المتقدمة وفي ظل الوظيفة المالية , والأسباب والمبررات التي تكمن وراء ظاهرة الازدياد المستمر في النفقات العامة وهو الواقع الذي أصبح يقابله ويوازيه في اتجاه مسار تدخل الدولة المستمر في مختلف الأمور العامة والخاصة وهكذا فلم يعد المهم الحفاظ على توازن جانبي الإيرادات والمصروفات في الميزانية السنوية بل أصبح ما يستأثر بالاهتمام هو التوازن العام الاقتصادي والاجتماعي للاقتصاد القومي ككل وليس التوازن المالي والحسابي للميزانية ومن ناحية أخرى فان التوازن السنوي لم يعد أمر تلتزم الدولة بتنفيذه.
وضيق تدخل الدولة واتساعه يتعلق بأنواع النشاط الاقتصادي الذي تقوم به فتغير هذا النطاق بين الضيق والاتساع يعني بالضرورة تغير حجم ميزانية الدولة بين الصغر والكبر إذ أن هذا الأخير لا يتوقف فقط على مدى الدور الاقتصادي للدولة , فان كبر حجم الاقتصاد القومي مع تطوره يؤدي إلى كبر حجم ميزانية الدولة إذ يزداد إنفاقها , وبالتالي إيرادها حتى مع بقاء عدد النشطات الاقتصادية التي تقوم بها على حاله.
المبحث الثاني الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لدور الميزانية العامة في المالية العامة
تحظى الميزانية العامة في وقتنا الحالي بأهمية متزايدة تغطي أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية في الدول المختلفة ولقد صحب هذا التزايد في الأهمية الكبيرة في الدور الذي أصبحت تقوم به الميزانية في المالية الحديثة عن الأفكار التي كانت سائدة لدى مفكري المالية العامة التقليدين وفيما نتناول أهمية الميزانية .
المطلب الأول الأهمية السياسية للميزانية
لها أهمية كبيرة في الدول ذات الأنظمة النيابية والديمقراطية لان إلزام السلطة التنفيذية بالتقدم كل عام إلى المجالس النيابية لكي يجيز لها نواب الشعب صرف النفقات وتحصيل الإيرادات يعني إخضاعها للرقابة الدائمة لهذه المجالس حيث تظهر رقابتها عن طريق تعديل الاعتمادات التي تطلبها أو رفضها مشروع الميزانية الذي يقدم إليها.
ويمكن القول بصفة عامة بان القوة السياسية في الدول تميل عادة إلى أن تتركز في يد السلطة صاحبة اعتماد الميزانية ,ففي الدول الديمقراطية تكاد القوتان السياسية والمالية تتركز في يد ممثلي الأمة من المجالس النيابية أما في الدول ذات الأنظمة الدكتاتورية فتركز القوتان المشار إليهما في قبضة السلطة التنفيذية.
المطلب الثاني أهمية الميزانية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية
للميزانية أهمية كبيرة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية لا تقل شانا عن أهميتها من الناحية السياسية , وهذه الأهمية آخذة في التوسع باتساع نطاق دور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية , فعن طريق الميزانية تستطيع الدولة إن تعدل في توزيع الدخل القومي فيما يخص النفقات المختلفة للمجتمع وللأفراد عن طريق الضرائب والنفقات العامة , وقد أصبح للميزانية رسالة في الدول المتقدمة أكثر اتساعا مما مضى فلم تعد الميزانية العمل الذي تقدر بواسطته الإيرادات والنفقات , فقد أصبحت تهدف إلى تحقيق العمالة الكاملة والى تعبئة القوى الاقتصادية والمساهمة في زيادة الدخل القومي .
الفصل الثالث
الميزانية العامة للدولة الجزائر
المبحث الأول الميزانية العامة للجزائر
المطلب الأول مفهوم الميزانية العامة للجزائر
يرتبط مفهوم الميزانية العامة بجملة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلاقتها بالمجال التشريعي , وقد حددت التشريعات المالية المتعاقبة في الجزائر عدة تعار يف للميزانية العامة للدولة , ومن بين هذه التشريعات
• مرسوم 31ماي1862 يعتبر هذا المرسوم إن الميزانية العامة للدولة هي العملية التي بواسطتها يسمح رسميا وتقدر الإيرادات والنفقات السنوية للدولة .
• مرسوم 19جوان 1556 تقدر ميزانية الدولة كما وترخص بشكل تشريعي أعباء وموارد الدولة وهي تقدر من قبل السلطة التشريعية بقانون المالية الذي يترجم الأهداف الاقتصادية والمالية للحكومة .
• الأمر التنظيمي المؤرخ في 2جانفي 1959المتعلق بقوانين المالية يعتبر هذا الأمر التنظيمي المتعلق بقوانين المالية إن الميزانية مؤلفة من مجموعة الحسابات التي ترسم لسنة مدنية واحدة جميع الموارد وجميع الأعباء الدائمة للدولة.
• قانون 7يوليو1984 يعتبر هذا القانون إن الميزانية العامة للدولة تشكل من الإيرادات والنفقات النهائية للدولة المحدد سنويا بموجب قانون المالية .
• قانون 15اوت1990 يعرف هذا القانون الميزانية العامة بأنها الوثيقة التي تقدر للسنة المدنية مجموع الإيرادات والنفقات الخاصة بالتسيير والاستثمار ومنها نفقات التجهيز العمومي للنفقات برأسمال .
المطلب الثاني تبويب النفقات اقتصاديا
إن المبدأ الأساسي الذي ينبغي التمسك به يتعلق بتبويب كل العمليات بالمعنى الواسع للكلمة ولذلك زادت أهمية القطاع العام ,كلما زادت عمليات التبويب تعيدا بالنظر إلى محتواها الحالي المتغير وهكذا بالإضافة إلى الحاجة إلى النظام والشفافية فان الدوافع الأكثر أهمية والتي يمكن تقديمها لتبرير عمليات الموازنة هي الدوافع المتعلقة بالنظام السياسي والاقتصادي .
ولذلك فان التبويب الاقتصادي للنفقات العامة على قدر كبير من الأهمية بالنظر للتأثير الكبير للنفقات على الاقتصاد, ويمكن تقسيم النفقات إلى
1. نفقات التسيير أو نفقات الجارية ونفقات التجهيز أو برأسمال
إن أهم ما يميز نفقات التجهيز أو برأسمال هو ترك شيء يستمر بعدها خلافا لنفقات التسيير التي لا يبقي شيء.
2. نفقات المصالح ونفقات التحويل وإعادة التوزيع
تهدف نفقات المصالح إلى مكافأة المنافع والخدمات والأدوات المقدمة للإدارة ,والتي هي ضرورية لتسييرها أو تجهيزها, أما نفقات التحويل فهي نفقات تؤدى بدون مباشر وتمثل نوع من
العدالة في توزيع الدخل الوطني.
المطلب الثالث تبويب الإرادات اقتصاديا
يرتبط التبويب الاقتصادي للإيرادات العامة بطبيعة الثروات التي تم الاقتطاع منها في هذا المجال , يفرق الاقتصاديون في مجال الجباية مثلا بين الضرائب على الدخل والضرائب على رأس المال أو على الثروة ,والضرائب على الاستهلاك أو على النفقة وهو التبويب المعتمد في الجزائر قبل إصلاحات سنة 1991
1. تبويب الضرائب قبل إصلاحات 1991:
• الضرائب على الدخل تجمع تحت هذا الباب ضرائب المساهمات المباشرة وهي الضريبة على المرتبات والأجور والضريبة على الأرباح الصناعية والتجارية والضريبة على الأرباح غير التجارية والضريبة التكميلية على الدخل وغيرها , باستثناء الدفع الجزافي على الأجور الذي ينعكس على الأسعار ويؤثر على الاستهلاك.
• الضرائب على الثروة أو على رأس المال: عمليات التضامن الاجتماعي.
• ضرائب على الاستهلاك : يتكون هذا الباب من الحقوق الجمركية ,الضرائب غير المباشرة والرسم على رقم الأعمال .
2. تبويب الضرائب بعد إصلاحات سنة 1991
• الضرائب المباشرة : وتجمع تحت هذا الضريبة على الدخل الإجمالي على الأجور والمرتبات والمعاشات وغيرها والضريبة على الدخل الإجمالي.
• حقوق التسجيل والطابع :حقوق التسجيل وهي ضرائب موضوعة على بعض العقود القانونية وعلى كل الوثائق الموجهة للعقود المدنية والقضائية .
• الرسوم المختلفة على الأعمال: الرسم على القيمة المضافة الداخلية وعمليات البيع والأعمال العقارية
• الضرائب غير المباشرة: الضرائب غير المباشرة على الاستهلاك التي تمس فقط المواد غير الخاضعة للرسم ,على رقم الأعمال (الذهب ,البلاتين ,...)
ويمكننا ان نوجز فيما يلي وثائق الميزانية العامة للدولة الجزائر والتي من بينها :
• قانون المالية .
• الجداول الملحقة بقانون المالية .
• المراسيم التوزيعية بالاعتمادات .
• ملزماي الميزانية العامة.
المبحث الثاني قواعد تقديم الميزانية في الجزائر
المطلب الاول قاعدة سنوية الميزانية العامة للدولة الجزائر
تبدو قاعدة سنوية الميزانية العامة ملائمة وتجسد توجه مشترك لكل الهيئات والجماعات والإفراد المدعوين لوضع توقعات للنفقات والإيرادات حيث إن السنة هي المدة الأكثر ملائمة لتشكيل توقعات السياسة المالية المصادق عليها والتي بإمكانها إن تعطي كل فعلياتها في الرقابة .
المطلب الثاني قاعدة وحدة الميزانية العامة للدولة الجزائر
تتفق قاعدة وحدة الميزانية العامة مع فلسفة الليبرالية التي لا تتكفل إلا بالنفقات ذات الطبيعة الإدارية لأجل ذلك ورغم ايجابياتها الكثيرة فان قاعدة الوحدة تواجه صعوبات أساسية في الجزائر .
فقد تبنت الدولة المنهج الاشتراكي الذي فوض تدخلها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حتى في ظل المرحلة الانتقالية إلى اقتصاد السوق حيث تحاول الدولة التخلي عن جزء مهم من دورها الاجتماعي والاقتصادي .
المطلب الثالث قاعدة شمول الميزانية العامة للدولة الجزائر
إن قاعدة شمول أو عمومية الميزانية تكاد تكون هي قاعدة الوحدة فالقاعدتان تتعلقان بنفس الشيء,ولكن منظور إليهما من وجهتين مختلفتين ,وترتبط هذه القاعدة بطبيعة الاقتصاد الموجه المناقض لاقتصاد السوق , وهذه القاعدة تدرج كافة الإيرادات والنفقات في ميزانية الدولة دون إجراء تخصيص.
المطلب الرابع قاعدة تخصيص اعتماد النفقات للدولة الجزائر
ويقصد بها توزيع الاعتمادات الواردة في الميزانية العامة وفرزها وتخصيصها لغايات وأهداف محددة تحت رقابة السلطة التشريعية وإجازتها لذلك.
المطلب الخامس قاعدة توازن الميزانية العامة للدولة الجزائر
توضع قاعدة توازن الميزانية العامة في الجزائر في إطار خصوصي حيث انه لغاية سنة 1965 كل نفقات الدولة توجد في الميزانية العامة (نفقات التسيير ,نفقات التجهيز ,والاستثمار ),وقد برزت مشاكل في الوقت الذي بدأت الجزائر في تخطيط تنميتها ,فعلى الرغم من تواضع محتوى المخطط الأول 1967-1969 غير انه اوجد مشاكل للخزينة العامة ,هذه المشاكل تبدو أكثر خطورة بالنسبة لأهم المخططات التنموية.
المبحث الثالث توازن الميزانية لدولة الجزائر منذ الاستقلال
المطلب الأول: توازن الميزانية العامة من الاستقلال حتى سنة 1970
لقد تميزت فترة ما بعد الاستقلال بمرحلتين مختلفتين سياسيا غير أنهما متكاملتين من الناحية الاقتصادية ، فقد عرفت المرحلة الأولى قيام مجلس وطني تأسيسي تولى مهمة التشريع في البلاد بينما كان التشريع بالأوامر ميزة المرحلة الثانية.
1. مرحلة ما بعد الاستقلال حتى سنة 1965: خلال هذه المدة كل نفقات الدولة توجد في الميزانية العامة ، ففي الميزانيات العامة 1963 و 1964 كانت نفقات التجهيز و
الاستثمار ضعيفة و مدمجة في ميزانية التسيير التي تتكون من ثمانية عناوين إثنين منها متعلقة بالتجهيزات و الاستثمارات و تم فصلها عن ميزانية التسيير بعد 1964
2. مرحلة التحضير للمخططات الرباعية من سنة 1966 حتى 1970 و تتميز هذه المرحلة بمحاولة إعادة تنظيم الاقتصاد الوطني ، ومباشرة أول مخطط متواضع في محتواه وهذا تحضيرا للمخططات الرباعية المستقبلية التي تعتبر طموحة في ما تتناوله غير أن هذا المسعى يتطلب مضاعفة النفقات العامة في وقت تعتبر فيه الموارد النهائية للدولة محدودة و لا تستطيع مسايرة هذه الزيادة.
وهكذا يبرز مشكل التمويل وتجد قاعدة توازن الميزانية العامة نفسها معنية ، و قد تم معالجة الأمر من خلال إخراج النفقات ذات الطابع المؤقت مثل القروض و التسبيقات من الميزانية العامة وينتج عن هذا تخفيف الخزينة لأن المأزق لا يمول بالموارد النهائية للخزينة ولكن بالقروض التي هي وسائل خارج الميزانية العامة.
المطلب الثاني : توازن الميزانية العامة خلال الفترة مابين 1971-1988
في سنة 1971 اعتمدت إصلاحات جديدة لتسهيل تمويل المخطط الرباعي الأول وقد كان لهذه الإصلاحات أثرها على مبدأ توازن الميزانية العامة وخاصة الإجراءات التالية المتعلقة بالاستثمارات المؤسسات العمومية وهي :
• فصل استثمارات الميزانية العامة عن الاستثمارات المخططة للمؤسسات العمومية .
• تجديد إجراءات تمويل استثمارات المؤسسات العمومية .
1-فصل نفقات التجهيز عن نفقات الاستثمار:
لقد تم فصل نفقات التجهيز عن نفقات الاستثمار ابتداء من سنة 1971 حيث أذن باستثمارات المؤسسات الخاصة بالقطاع العمومي والقطاع الاشتراكي على اعتبار أنها نفقات للاستثمارات المخططة الخاصة بالمؤسسات العمومية.
2-تمويل الاستثمارات المخططة للمؤسسات العمومية:
ويضمن تمويل الاستثمارات المخططة للمؤسسات العمومية بما فيها استثمارات التجديد اعتبار الطبيعة الاستثمارات ونشطات المؤسسة بواسطة:
• القروض على المدى الطويل والتي تمنح من موارد الادخار التي تحصلها الخزينة والمؤسسات المالية المختصة الأخرى.
• قروض مصرفية .
• مساهمات خارجية من قبل المؤسسات العمومية .
• الأموال الخاصة للمؤسسات العمومية.
• مساهمات نهائية عند الاقتضاء من الميزانية العامة للدولة.
المطلب الثالث توازن الميزانية العامة خلال الفترة مابين 1989-2001
لقد شهدت بداية سنة 1988 عدة إصلاحات اقتصادية تهدف إلى تعديل المحيط الاقتصادي للمؤسسات العمومية الاقتصادية لتنسجم مع المسار الجديد للسياسة الاقتصادية العامة للدولة التي تتجه نحو اقتصاد السوق بطابعه الرأسمالي.
وقد تضمنت التشريعات تعديل القانون المتعلق بقوانين المالية بحيث تنسجم مع هذا التوجه وخاصة القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية والقانونية المتعلقة بالتخطيط.
وقد استمر العجز تبعا للسنوات السابقة حتى تحقق توازن الميزانية في سنة 1991 ولكن سرعان ما ظهر العجز من جديد في السنة الموالية واستمر في التزايد على امتداد السنوات اللاحقة , ومن بين الآثار التي خلفها العجز على توازن الميزانية العامة في الجزائر :
• صعوبة التحكم في النفقات العمومية التي ازداد حجمها تضخما .
• اعتماد الميزانية العامة على عائدات الجباية البترولية لتمويل العجز وهي إيرادات غير عادية بالنظر لما يتمتع به هذا المصدر من حساسية عالية لما يحدث في السوق العالمية من تقلبات تمس سعر البرميل , ولقد تغيرت توازنات الميزانية بتغير أسعار المحروقات في الأسواق العالمية.
• ضعف حصيلة الجباية العادية , ولإقامة نظام جبائي عصري في الجزائر أدخلت خلال العشر سنوات الأخيرة إصلاحات هامة تمثلت في الرسم على القيمة المضافة , الضريبة على الدخل الإجمالي .
المطلب الرابع الرقابة على ميزانية الدولة الجزائرية
تتم مراقبة تنفيذ الميزانية العامة للدولة من خلال عدة أجهزة سياسية وإدارية وقضائية تقوم بمراقبة قبلية وبعدية ومراقبة التنفيذ ومن بينها :
• المجلس الشعبي الوطني .
• مجلس الأمة .
• مجلس المحاسبة .
و أجهزة التابعة لوزارة المالية في الجزائر ومنها على الخصوص المفتشية العامة للمالية والرقابة التي تخضع لها الميزانية في الجزائر ذات طابع محاسبي شانها شان أي ميزانية تقليدية , ويمكن تلخيص وسائل الرقابة البرلمانية فيما يلي :
• الأسئلة الشفوية والكتابية.
• استجواب الحكومة .
• لجان التحقيق.
الخاتمة:
من خلال هذا البحث الذي قمنا به نجد أن مفهوم الميزانية مر بعدة تطورات بين النظرية التقليدية والحديثة كما تبين دورها في كل من مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما أخذنا في الدراسة حالة خاصة ميزانية الجزائر ,لاحظنا أن هذه الأخيرة عانت من عجز كبير عند انخفاض سعر البترول لأنه يعتبر المخل الوحيد والمساهم في ضفة الإيرادات بينما النفقات تتنوع وتزداد لذالك فلقد غيرت الجزائر من سياستها بمساعدة البنك الدولي لتنمية الاقتصاد من اجل تعدد المداخل (الإيرادات) وتعرف ميزانية الجزائر في هذه الفترة انتعاشا كبيرا وسددت نسبة كبيرة من الديون وذلك يعود إلى ارتفاع سعر البرميل الواحد من المحروقات.
المراجع
1. أصول الفن المالي للاقتصاد العام –مدخل لدراسة أساسيات المالية العامة –
الدكتور عادل احمد حشيش(جامعة الجديدة للنشر الإسكندرية)
2. مبادئ الاقتصاد العام
الدكتور حامد عبد المجيد دراز
الدكتور المرسي السيد حجازي
3. المالية العامة
الدكتور حسن عواطة
4. منهجية الميزانية العامة للدولة في الجزائر
الدكتور لعمارة جمال