مشكلة البطالة تعتبر واحدة من تلك المشكلات التي تستحق الدراسة والبحث لإيجاد الحلول المناسبة القابلة للتطبيق وقبل الخوض في أي مشكلة يجب علينا أولا تحديد المشكلة وتعريفها .
التعريف:
المقصود بالبطالة عدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توافرت له القدرة على العمل والرغبة فيه. ويمكن أن تكون البطالة كاملة أو جزئية.
البطالة الكاملة:
هي فقد الكسب بسبب عجز شخصي عن الحصول على عمل مناسب رغم كونه قادراً على العمل ومستعداً له باحثاً بالفعل عن عمل.
البطالة الجزئية:
هي تخفيض مؤقت في ساعات العمل العادية أو القانونية وكذلك توقف أو نقص الكسب بسبب وقف مؤقت للعمل دون إنهاء علاقة العمل وبوجه خاص لأسباب اقتصادية وتكنولوجية أو هيكلية مماثلة.
البطالة:
تعنى ترك بعض الإمكانيات المتاحة للمجتمع دون استغلال ويعتبر ذلك بمثابة إهدار للموارد.
أشكال البطالة:
هناك ثلاثة أشكال للبطالة وهي:
سافرة، واختيارية، ومقنعة.
السافرة:
وهي الباحثين الجدد عن العمل لأول مرة والتي تمثل بطالة المتعلمين النسبة الكبيرة منها.
الاختيارية:
وهي رفض الفرد في الاشتراك في عملية الإنتاج. أو هي ترك العمل اختيارياً أي رفض فرصة العمل وبالتالي تكون البطالة هنا اختيارية دون تدخل للمشكلات الاقتصادية والإنتاجية.
المقنعة:
هي ارتفاع عدد العاملين فعلياً عن احتياجات العمل بحيث يعملون بالفعل عدداً أقل من الساعات الرسمية للعمل.
وتوجد تصنيفات أخرى للبطالة وهي إما بطالة موسمية وأخرى دورية.
أنواع البطالة:
يمكن تقسيم البطالة من وجهتي النظر الاجتماعية والاقتصادية إلى:
البطالة الجماعية:
والتي كانت تظهر من حين لآخر في الدول الصناعية خلال القرن الأخير وكان أحدث بطالة جماعية تلك التي وقعت في ثلاثينات هذا القرن وشملت العالم كله. وفي الواقع أن الانخفاض في الطلب الإجمالي على الإنتاج هو السبب المباشر للبطالة الجماعية وثمة حالة خاصة للبطالة الجماعية يمكن حدوثها في الدول التي تتوقف رفاهيتها إلى حد كبير على التجارة الأجنبية وفقدان أسواق التصدير قد يكون من الشدة بحيث يتأثر الاقتصاد كله.
البطالة الاحتكاكية أو الانتقالية:
وهذا النوع من البطالة يحدث عادة نتيجة للتحسينات التكنولوجية في وسائل الإنتاج أو التغيرات في الطلب على الطراز الحديث وهذا يدعو أحياناً إلى تغيير وظيفة العامل أو إعادة تدريبه. ولكن طالما كان الطلب الإجمالي لم يتأثر فإنه من المحتمل ظهور فرص عمل جديدة في الزمن القصير.
البطالة الموسمية:
وهي التي تلازم بعض فروع النشاط الاقتصادي لا في الزراعة وحدها بل في بعض الصناعات الموسمية. ونجد أن الأشخاص الذين يشتغلون في هذه الأعمال يدركون مسبقاً أن عملهم لن يجاوزالموسم
اسرة ومجتمع: البطالة في العالم العربي تسجل أعلى نسبة في العالم
تعتبر البطالة إحدى أخطر المشكلات التي تواجه الدول العربية، حيث توجد بها أعلى معدلات البطالة في العالم. وحسب تقرير لمجلس الوحدة الاقتصادية التابع لجامعة الدول العربية، صدر عام 2004، قدّرت نسبة البطالة في الدول العربية ما بين 15 و 20%.
وكان تقرير منظمة العمل الدولية قد ذكر في عام 2003، أن متوسط نسبة البطالة في العالم وصل إلى 6.2% ، بينما بلغت النسبة في العالم العربي في العام نفسه 12.2 %.
وتتزايد سنويا بمعدل 3%. وتنبأ التقرير بأن يصل عدد العاطلين في البلاد العربية عام 2010 إلى 25 مليون عاطل. وما يجعل هذه القضية من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات العربية، هو أن 60% تقريبا من سكانها هم دون سن الخامسة والعشرين. الأسوأ عالميا
ووصفت منظمة العمل العربية، في تقرير نشر في شهر آذار 2005، الوضع الحالي للبطالة في الدول العربية بـ"الأسوأ بين جميع مناطق العالم دون منازع"، وأنه "في طريقه لتجاوز الخطوط الحمراء". ويجب على الاقتصادات العربية ضخ نحو 70 مليار دولار، ورفع معدل نموها الاقتصادي من 3% إلى 7%، واستحداث ما لا يقل عن خمسة ملايين فرصة عمل سنويا، حتى تتمكن من التغلب على هذه المشكلة الخطيرة، ويتم استيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل، إضافة إلى جزء من العاطلين.
وأكد مشاركون في "المنتدى الاستراتيجي العربي" الذي عقد في دبي في كانون الاول 2004، أن على صناع القرار في العالم العربي، التخطيط لتوفير ما بين 80 و 100 مليون فرصة عمل حتى العام 2020، حيث يبلغ حجم القوى العاملة في الوطن العربي حاليا 120 مليون نسمة، يُضاف إليها كل عام ثلاثة ملايين و400 ألف عامل.
ويؤكد تقرير منظمة العمل العربية أنه لم تعد هناك دول عربية محصنة ضد البطالة كما كان يعتقد قبل سنوات، وبخاصة في دول الخليج العربي، حيث يبلغ معدل البطالة في السعودية ـ أكبر هذه البلدان حجماً وتشغيلاً واستقبالاً للوافدين- نحو 15%، وفي سلطنة عُمان 17.2%، وفي قطر 11.6%. أما في باقي الدول العربية، فلا يختلف الوضع كثيرا.
فلسطين والعراق
وتتفاقم مشكلة البطالة في فلسطين والعراق، حيث يقدر باحثون أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل تصل إلى 60%، وأن تنامي معدل البطالة يرجع إلى أسباب استراتيجية، وهي أن اقتصاد البلدين يواجه صعوبات كبيرة في توفير فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى غياب البيئة الاستثمارية المناسبة لخلق فرص عمل جديدة، وبخاصة بعد قيام قوات الاحتلال الأميركي في العراق بحل كثير من المؤسسات الحكومية والجيش والشرطة العراقية، مما أدى إلى تسريح ملايين العاملين.
من العاطل ؟
يؤدي عدم الاتفاق على تعريف محدّد للشخص العاطل عن العمل إلى الاختلاف في تقدير عدد العاطلين بين التقارير الرسمية والأعراف الاجتماعية. ويرجع ذلك إلى أن التقارير الرسمية لا تعتبر الشخص عاطلا عن العمل إلا إذا كان عمره ما بين 15 و64 عاما ولا يعمل، ولكنه يبحث عن عمل. أما إذا كان قد توقف عن البحث عن عمل، ليأسه من إيجاد فرصة عمل مثلا، فإن التقارير الرسمية لا تعتبره عاطلا، كما لا تعتبر النساء عاطلات إذا لم يصرّحن برغبتهن في العمل.
آثار سلبية
ويذهب بعض الباحثين إلى أن هناك آثارا خطيرة للبطالة على مستوى الفرد والمجتمع، فالفرد قد يصاب بأمراض نفسية عديدة، ويمكن أن يلجأ إلى تعاطي المخدرات هروبا من الواقع المؤلم، وانتشار الجرائم، وضعف الانتماء للوطن، وكراهية المجتمع، وصولا إلى ممارسة العنف والإرهاب ضده، فضلا عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤلاء الشباب ورعايتهم صحياً واجتماعياً.
أسباب ومعوقات
يرى المراقبون أن المجتمعات العربية تشهد معوقات اجتماعية واقتصادية وثقافية تؤدي إلى تفاقم ظاهرة البطالة، ومن أبرزها سوء التخطيط على المستوى القومي، وعدم توجيه التنمية والاستثمار إلى المجالات المناسبة، وعدم توافق خريجي المؤسسات التعليمية والتدريبية مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى ضعف الشعور بقيمة العمل، والرغبة في العمل فقط في مجال التخصص الدراسي.
ومما يزيد من تفشي هذه الظاهرة، عدم إقبال الشباب على العمل المهني بسبب نظرة الكثيرين
في المجتمع إليه باعتباره من الأعمال الدنيا، وعدم الإقبال على العمل الحر بسبب الخوف من المخاطرة والميل إلى الأعمال المستقرة.
تطوير التعليم
لفت تقرير مجلس الوحدة الاقتصادية الأنظار إلى أن التغيرات الجذرية والمتسارعة لسوق العمل تتطلب ضرورة وضع برامج خاصة لتطوير المؤسسات التعليمية، للربط بين التعليم والتدريب من جهة والعمل من جهة أخرى، بهدف مساعدة الشباب للحصول على فرصة عمل. وأشار التقرير إلى أن منظمة العمل الدولية تعتبر تأهيل الشباب حديثي التخرج من أهم التحديات التي تواجه المؤسسات وأنظمة التعليم والتدريب في الدول العربية، حيث يفتقر كثير منها إلى العمالة المتخصصة في المجالات التي يحتاجها سوق العمل، مما يساعد في سد الفجوة بين العرض والطلب على العمالة.
البطالة والأمية
وتشهد بعض الدول العربية ظاهرة فريدة، وهي زيادة نسب البطالة بين حملة المؤهلات الدراسية، حيث تبدو مؤسسات التعليم والتدريب وكأنها مفرخة للعاطلين عن العمل أكثر من كونها مساهمة في جهود التنمية. ففي مصر ـ على سبيل المثال ـ لا تزيد نسبة العاطلين من الأميين على 4.1 % فقط، أما الباقي فهم من حملة الشهادات المتوسطة والعليا، وهو ما يعكس التباعد الكبير بين حاجة سوق العمل والتخصصات التي يتم تدريسها والتدريب عليها في المؤسسات التعليمية.
بنوك التوظيف
ويُعد عدم وجود قاعدة معلوماتية قومية للوظائف المطروحة والباحثين عنها أحد مغذيات أزمة البطالة، حيث يؤدي إلى غموض سوق العمل. ولا تستطيع الشركات الخاصة العاملة في مجال التوظيف ملء هذا الفراغ بسبب صغر حجمها، ومن هنا تبدو أهمية الاستفادة من تجربة بعض
الدول الغربية في إنشاء بنوك قومية للتوظيف توفر قواعد معلومات ضخمة للوظائف الشاغرة في القطاعين العام والخاص، يتم تحديثها يوميا، وتكون متاحة من خلال مواقع إنترنت متخصّصة أو دليل شهري يوزع بمقابل مادي رمزي على الباحثين عن العمل.
ولا تقتصر فائدة "بنوك التوظيف" على كونها قناة اتصال بين
أصحاب الأعمال والباحثين عن العمل، بل إنها تعد أداة ممتازة يستطيع من خلالها الباحثون عن فرص عمل التعرف على طبيعة الوظائف المطلوبة من الشركات، ومن ثم تأهيل أنفسهم بما يتناسب معها.
حلول فردية
وتبذل الدول العربية جهودا منفردة للحد من البطالة، لكنها غير مجدية حتى الآن. ففي مصر، تركزت جهود تشغيل الشباب في الصندوق الاجتماعي للتنمية، ورصدت له الدولة اعتمادات كبيرة نصفها من الموازنة العامة. واهتم الصندوق بدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تنفيذ مشاريع لصالح الخريجين، مثل تمليك أراضٍ زراعية مستصلحة لهم.
وفي الأردن، بذلت الحكومة جهودا لتشغيل الشباب، عن طريق صندوق التنمية والتشغيل. وتوجد جهات أخرى تساعد في هذا الاتجاه، منها صندوق المعونة الوطنية، وصندوق الزكاة، وصندوق "الملكة عالية" للعمل الاجتماعي والتطوعي، إلا أن النتائج بقيت محدودة حتى الآن.
أما في تونس، فقد تم البدء في برنامج عام 1988، لتنفيذ عقود تربط بين التدريب والتشغيل، واستفاد منه قرابة 60 % من ذوي التعليم المتوسط، و 38% من ذوي التعليم العالي.
واعتمدت معظم دول الخليج العربية على إعادة تنظيم توظيف الوطنيين بجهود نشطة، ووضع إجراءات لتحفيز القطاع الخاص على تشغيل المواطنين بدلا من العمالة الأجنبية، التي تقدر بـ 18 مليون عامل.
وتوجد توصيات من منظمة العمل العربية، بأن يتم إعطاء الأولوية في التشغيل للعمالة الوطنية الخليجية ثم العمالة من الدول العربية الأخرى.
وخلاصة القول أن المراقبين يرون أنه لم يعد في مقدرة الدول العربية ـ كل على حدة ـ معالجة مشكلة البطالة، بسبب الحاجة إلى فتح الأسواق وإلغاء الحواجز على التجارة البينية من جهة، والتكتل الاقتصادي العربي المشترك من جهة أخرى.